أمير العسيرى
في كتاب علم الثقافة: مدخل تأسيسي لدراسة ثقافات الدول والمنظمات والعالم الصادر عن ببلومانيا للنشر والتوزيع 2025 يقول الدكتور عبدالقادر الهواري: ثقافات الدول والمنظمات والعالم لا تموت بالقتل، بل بالإنتحار عندما لا يتم التخطيط لمستقبلها والفشل في مواجهة تحديات استمرار الحياة بأساليب خلاقة. وهذا يتطلب دور كبير من المثقفين وأدوار أكبر من علماء وباحثي الثقافة ومؤسسات الدول والمنظمات الثقافية بعيداً عن الصخب والضوضاء والتعصب والتجزر، فتعود علوم الثقافة وتصبح الثقافة أبو العلوم.
ويضيف د. الهواري: فرض علم الثقافة نفسه من خلال منظمات دولية وإقليمية ترعاه، حيث لم يعد في حاجة إلى اعتراف الجامعات التي تنشئ لفروعه أقسام الدراسات الثقافية والفنية والمؤسسات الأكاديمية. ومن الطبيعي أن يدعم مكانته ويستكمل قواه بفروع علمية، فتصبح لدينا لعلوم الثقافية.
ويشير د. الهواري إلى ان الاعتماد المفرط على التكنولوجيا يؤدي إلى فقدان الحساسية الفردية وتآكل القيم الثقافية وثقافة تواصل البشر مع بعضهم ومع الكائنات الحية وغير الحية. وهنا يأتي دور علم الثقافة في إعادة التوازن بين العلوم وضمان عدم الانفصال والحفاظ على القيم الثقافية وعدم تفكيكها ومواجهة التحديات وفهم التعقيدات التي تواجهنا في عالم سريع التبدل.
ويضيف د. الهواري: علم الثقافة علم جامع للمعارف والعلوم والوعي واللاشعور الشامل للحياة بعناصرها المتداخلة والجديرة بأن نحياها، فلا وجود أو فكر أو علم أو حياة بلا ثقافة؛ وأينما وجدنا وجدت الثقافة بصفتها أساس حياة الأفراد والمجموعات؛ ومن ثم التعدديات الثقافية القادرة على الاحترام والتبادل والتكامل بين الثقافات ورقيها.
وأشار الهواري إلى ان الثقافة سبقت الإنسان، فاكتسبها من الكائنات الحية والطبيعة، فأصبح حاملاً لها، حيث تمثلت أولى المظاهر المعروفة للثقافة المادية بالأدوات الحجرية التي ابتكرتها كائنات حية ماهرة من خلال ثقافة العيش في عمل مشترك وتعاون ثقافي.
وقال د. الهواري: يجب عمل استراتيجيات ثقافية جديدة لوزاراة الثقافة واليونسكو والإسيسكو ترتكز على استراتيجيات فرعية لكل أقاليم العالم، مع ضرورة إصلاح علاقة المؤسسات الثقافية والمبدعين والمفكرين والكتاب بالتطوير والإنتاج والجوائز والمشاركات والدعوات، وذلك من أجل التكيف مع التحولات الذكية التي تتم في إطار مراكز إنتاج الفكر والفنون وتعدد مجالاتها. كما يجب حث رجال الأعمال والبنوك والمستثمرين بالمشاركة في إنتاج وتسويق الثقافة والفنون والآداب.
ويشير د. الهواري إلى انه يجب عمل كليات وجامعات ذكية تحمل كل منها اسم "كلية الثقافة وجامعة الثقافة" وتضم هذه الكليات والجامعات كليات الأداب والتربية واللغات والفنون والعلوم ودار العلوم وغيرهم من الكليات المتخصصة في مجالات الثقافة.